في إطار نظام التحكيم السعودي، يتناول هذا البحث نطاق سريان حكم التحكيم والآليات المتبعة لتنفيذه. يركز البحث على فهم الإجراءات المطلوبة لتنفيذ حكم التحكيم في السعودية، بما يشمل الاعتراف به وتطبيقه. سيتم استكشاف الآليات القانونية والإجرائية التي تسهم في تسهيل هذه العملية وضمان سلامة الإجراءات في نظام التحكيم السعودي.
- تقوم قواعد نظام التحكيم السعودي على مبدأين رئيسيين، حيث يشمل:
سريان قوانين هذا النظام على جميع المسائل المعنية بالتحكيم، بغض النظر عن طبيعتها أو شكلها.
فتستثني بعض المسائل من نطاق التحكيم، مثل المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والمسائل الجزائية التي لا يجوز فيها الصلح.
- يستند التحكيم بشكل أساسي إلى إرادة الأطراف التي اختارته ومنحته السلطة في حل النزاعات بينها. وفي ظل هذا المبدأ، ينعقد التحكيم عندما تتفق الأطراف على ذلك، وتكون الإرادة المشتركة هي المحدد الأساسي لنطاق التحكيم وشروطه، مع تدخل الدولة فقط في حدود ضيقة للحفاظ على النظام العام.
- تؤكد القوانين السعودية على استقلالية التحكيم، حيث يعتبر اتفاق التحكيم شرطًا مستقلاً في العقد، مما يعني أن بطلان العقد لا يؤثر على صحة اتفاق التحكيم، والعكس صحيح. يتم التأكيد على هذا المبدأ من خلال وجود تشريعات تفرض استقلالية شرط التحكيم، بما يميز نظام التحكيم السعودي عن بعض التشريعات العربية الأخرى
أول مظهر للتحكيم في المملكة العربية السعودية جاء من خلال نظام تجاري سعودي قديم، الصادر بالأمر السامي رقم ٣٢، الذي أفرد له المواد من ٤٩٣ إلى ٤٩٧، وهو الذي اقتصر في بادئ الأمر على المعاملات التجارية فقط. فيما بعد، صدر نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية بموجب المرسوم الملكي رقم م/٤٣، وذلك ليحل محل النظام السابق المتعلق بالتحكيم.
نظام التحكيم السعودي هو آلية فعّالة لفض النزاعات بين الأطراف بسرعة وفاعلية. ينقسم التحكيم إلى عدة أنواع تشمل التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري، والتحكيم بالقضاء والتحكيم بالصلح، بالإضافة إلى التحكيم المؤسسي والتحكيم الحر. تختلف هذه الأنواع من حيث الطريقة التي يُعقد بها التحكيم وكيفية اختيار الهيئة التحكيمية وإجراءات الفصل في النزاعات.
أما فيما يتعلق بأنواع التحكيم، فهناك التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري. يكون التحكيم اختياريًا عندما يلجأ الخصوم إليه بإرادتهم، كوسيلة بديلة عن القضاء لفض النزاع بينهما، أما التحكيم الإجباري فيكون عندما يفرض النظام اللجوء إليه لفض النزاع بين الطرفين في مسائل محددة، مستبعدًا التحكيم الإجباري من نطاق تطبيق التشريعات الوطنية.
كما يمكن تقسيم التحكيم إلى التحكيم بالقضاء والتحكيم بالصلح. في التحكيم بالقضاء، يصدر المحكم حكمه بناءً على الوقائع والأدلة المقدمة له، دون اعتبار لرأي الخصوم، بينما في التحكيم بالصلح، يقوم المحكم بجهود للتقريب بين الطرفين والبحث عن حل مناسب لهما قبل إصدار الحكم.
وأخيرًا، يتميز التحكيم المؤسسي بأنه يتم بناء على اتفاق الطرفين من خلال مؤسسة تحكيم دائمة، بينما يتم التحكيم الحر خارج إطار المؤسسات التحكيمية الدائمة، حيث يختار الطرفان هيئة التحكيم بناءً على اتفاقهما المباشر.بعدما تعرفت على تاريخ نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية وأوجه تطبيقه، يسرني أن أقدم لك فهمًا شاملاً لنطاق سريان حكم التحكيم وآليات تنفيذه في النظام التحكيم السعودي.
لقد نصت المادة 2 من نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 39 بتاريخ 24-5-1433 هجريًا، علي أن:
مع عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الإتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفاً فيها، تسري أحكام هذا النظام علي كل تحكيم، أيًا كانت طبيعة العلاقة النظامية التي يدور حولها النزاع، إذا جري التحكيم في المملكة، أو كان تحكيمًا تجاريًا دوليًا يجري في الخارج، وإتفق أطرافه علي الخضوع لأحكام هذا النظام.
ولا تسري أحكام هذا النظام علي المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية، والمسائل التي لا يجوز فيها الصلح.
يكون التحكيم دوليًا إذا تعلق بالتجارة الدولية، ويكون ذلك في الحالات الآتية:
إذا كان المركز الرئيسي لأعمال التحكيم يقع في أكثر من دولة وقت إبرام إتفاق التحكيم، وإذا كان لأحد طرفي التحكيم عدة مراكز للأعمال فالعبرة تكون بالمركز المرتبط بمحل النزاع، وإذا لم يكن لطرفي التحكيم مركز أعمال محدد فالعبرة بمحل إقامته المعتادة.
إذا كان المركز الرئيسي لأعمال طرفي التحكيم في الدولة نفسها وقت إبرام إتفاق التحكيم، وكانت تلك الأماكن خارج هذه الدولة، وتتمثل تلك الأماكن فيما يلي:
مكان إجراء التحكيم كما هو وارد بإتفاق التحكيم، أو أشار لكيفية تعيينه.
مكان تنفيذ الجانب الجوهري من الإلتزامات الناشئة من العلاقة التجارية بين الطرفين.
المكان الأكثر إرتباطًا بموضوع النزاع.
إذا إتفق طرفي التحكيم علي اللجوء لمنظمة أو هيئة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم موجود خارج المملكة العربية السعودية.
إذا كان موضوع النزاع الخاص بإتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة.
لطرفي التحكيم الحق في إختيار الإجراء الواجب إتباعه في مسألة معينة، ولهم الحق في تفويض الغير في إختيار الإجراء، ويُعد في حكم الغير كل فرد أو منظمة أو هيئة أو مركز للتحكيم في المملكة السعودية أو خارجها.
في حال إتفاق طرفي التحكيم علي أحكام معينة في الوثيقة المنوط بها التحكيم سواء أكانت إتفاقية دولية أو عقود أو وثيقة أخري، فيجب العمل بما تم الإتفاق عليه بالوثيقة وبما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
في حال عدم إتفاق طرفي التحكيم علي طريقة تسليم الإبلاغات، فيتم التسليم للمرسل إليه أو من ينوب عنه أو إرساله لعنوانه الموجود بالعقد محل النزاع أو بمشارطة التحكيم أو بوثيقة التحكيم، وفي حال تعذر تسليمه وكان الإبلاغ بموجب خطاب مُسجل لأخر مقر عمل أو محل إقامته المعتاد أو عنوان بريدي معروف للمرسل إليه، فيُعد التسليم قد تم، ويسري ذلك بشأن الإبلاغ بالوسائل الإلكترونية.ولا يسري ذلك بشأن الإبلاغات القضائية الخاصة ببطلان حكم التحكيم أمام المحاكم.
إذا إستمر أحد طرفي التحكيم في إجراءات التحكيم مع علمه بحدوث مخالفة لأحكام النظام السعودي مما يجوز الإتفاق علي مخالفته أو لشرط في إتفاق التحكيم، ولم يعترض علي تلك المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو خلال 30 يومًا من علمه بوقوع المخالفة عند عدم الإتفاق، فيُعد ذلك تنازلاً منه عن حقه في الإعتراض.
في ختام هذه المقالة، نجدد التأكيد على أهمية نظام التحكيم السعودي كآلية فعّالة لتسوية النزاعات بين الأطراف بطريقة سريعة وفعّالة، مع توفير الحماية القانونية الكافية لحقوق الأطراف. يظهر النظام السعودي بمرونته في تنوع أنواع التحكيم ومرونته في تطبيقه على الصعيدين الوطني والدولي، مما يجعله نموذجًا يحتذى به في تشجيع التحكيم كوسيلة لحل النزاعات. بالإضافة إلى ذلك، فإن الالتزام بأحكام النظام وإتاحة الفرصة للطرفين للاختيار والتفاوض يعزز من مصداقية وقبول التحكيم كوسيلة رئيسية لفض النزاعات في المملكة العربية السعودية.
كمحامون دوليون متخصصون في مجال التحكيم الدولي، نحن هنا لمساعدتك في تلبية احتياجاتك القانونية. إذا كنت بحاجة إلى استشارة قانونية أو ترغب في طلب خدمة التحكيم الدولي، فلا تتردد في الاتصال بنا. نحن نقدم الخبرة والتميز في مجال التحكيم بجميع أنواعه السابق ذكرها.
تواصل معنا الآن
هاتف: + (20) 1069460940
البريد الإلكتروني: info@sadanykhalifa.com