يُعد الالتزام بضمان العيوب الخفية من بين أهم الالتزامات التي يتحملها البائع تجاه المشتري، لذا قام المشرع بتنظيم أحكام لهذا الالتزام، تتضمن تعريفه والشروط التي يجب توافرها. عندما تتوافر هذه الشروط، يُخطر المشتري البائع بالعيب، ومن ثم يتحمل البائع المسؤولية وفقًا للضمان. ومع ذلك، يتمتع هذا الضمان ببعض المسقطات، وذلك لتحقيق التوازن بين أطراف العقد. فيما يلي، سنوضح مفهوم العيب الخفي وشروطه، والمسقطات المحتملة للضمان، والآثار المترتبة عليه.
العيب الخفي: هو العيب الذي يكون موجودًا في المنتج المباع ولم يكن معروفًا للمشتري عند عملية الشراء.
ومن المهم أن نلاحظ أنه لا يكفي أن يكون هناك عيب في المنتج لكي يتمكن المشتري من المطالبة بالضمان من البائع، بل يجب أيضاً أن تتوافر شروط معينة، والتي سنقوم بعرضها فيما يلي:
العيب القديم هو العيب الذي يكون موجوداً قبل إنعقاد العقد أو حدث وهو في يد البائع قبل التسليم للمشتري. لذلك، يجب أن يكون العيب موجودًا قبل استلامه من قبل المشتري. يتحمل المشتري مسؤولية إثبات وجود العيب بوسائل دليلية مقبولة، ولكن يمكن للبائع التخلص من المسؤولية إذا ثبت أن العيب ناتج عن إهمال المشتري في الحفاظ على المنتج أو استخدامه بشكل غير صحيح، فالعيب الخفي يكون موجوداً في وقت التسليم أو يكون العيب موجوداً قبل التسليم وتظهر آثاره بعد ذلك. على سبيل المثال، إذا كان الحبوب أو الخشب مصابًا بالتسوس قبل التسليم للمشتري، ثم ظهر وتفشى التسوس بعد التسليم، فيعتبر ذلك عيبًا قديمًا يتحمل البائع مسؤوليته.
فلا يكفي أن يكون العيب قديم فالعيب أما أن يكون ظاهراً وأما أن يكون خفياً ، والعيب الخفي هو الذي لم يكن بإستطاعة المشتري أن يتبينه بنفسه وقت البيع وهذا يضمنه البائع ، أما العيوب التي لا يضمنها البائع هي العيوب التي كان المشتري يعرفها وقت البيع أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو فحص المبيع بعناية الرجل العادي ، ولكن إذا أثبت المشتري أن البائع أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أن البائع تعمد إخفاء العيب غشاً منه ففي هذه الحالة يكون البائع ضامناً للعيب وهذا هو المعيار الذي تبناه المشرع في المادة (447/2) من القانون المدني ، وبناءً على ما تقدم نكون هنا أمام فرضين:
هو تأكيد البائع للمشتري خلو المبيع من العيب المعين الذي وجد بعد ذلك بالمبيع، حيث انه لا يكفي أن البائع يؤكد للمشتري بعدم وجود عيوب بالمبيع بوجه عام بل يؤكد له بخلو المبيع من عيب معين أو عيوب معينة بالذات، ويعتبر ذلك إتفاق ضمني بين البائع والمشتري بالضمان بحيث إذا ظهر العيب بالمبيع رجع المشتري عليه بالضمان.
يُكمن في أن البائع تعمد الغش في إخفاء العيب، وهنا يكون خطأ البائع قد أستغرق خطأ المشتري فيكون البائع في هذا الفرض ضامنًا للعيب حتي ولو كان في إستطاعة المشتري ان يتبينه بالفحص المعتاد، لأنه في هذه الحالة يعتبر العيب خفي وفي جميع الفروض يعتبر البائع ضامنًا للعيب الخفي سواء كان عالم بوجوده أو لم يكن يعلم، ولكن إذا علم المشتري بوجود العيب وأرتضاه فيعتبر ذلك قرينة على إنه راعى هذا العيب عند تحديد الثمن أو أعتبره غير مؤثر في قيمة المبيع ، فإن البائع في هذه الحالة لا يضمنه لأن رؤية المشتري للعيب دون إعتراض منه يُسقط حقه في التمسك بالضمان.
فالعيب المُؤثر الموجب للضمان هو العيب الذي يَقع في ذات الشئ المبيع فالمعيار هنا معيار موضوعي محض.
بالمبيع عيب يُـنقص من قيمته أو نَـفعه بحسب الغاية المقصودة مُستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشئ أو الغرض الذي أُعد له.
وتوضح المادة السابقة إن هناك فرق بين النقص في القيمة والنقص في المنفعة، فقد يُنقص العيب في قيمة الشئ دون أن يُنقص من نَفعه ومثال ذلك:
إذا كان المبيع سيارة وبها عيب خفي يتمثل في المقاعد أو أي جزء من أجزاءها مما لا يـُؤثر على صلاحيتها للسيروبالتالي يُعتبر هذا العيب مؤثراً يترتب عليه الإنقاص من القيمة الفعلية للسيارة لأنه إذا علم المشتري بذلك العيب لما أقدم على شراءها وفي هذه الحالة للمشتري له أن يرجع على البائع بالضمان.
وقد يـُنقص العيب من نـَفع الشئ دون أن يُنقص من قيمته ومثال ذلك:
إذا كان المبيع آلة ميكانيكية بها عيب خفي يجعلها لاتصلح لبعض المنافع وبالرغم من ذلك تظل محتفظة بالقيمة المادية، لو علم المشتري بها لما أقدم على شراءها وبناءً على ذلك يحق رجوع المشتري على البائع بالضمان.
إذا لم يذكر البائع والمشتري شيئًا عن المنفعة المرجوة من المبيع نقوم بالرجوع إلى طبيعة الشئ، فلو أفترضنا أن المبيع فرسًا معدًا للسباق وتم شراءه على ذلك الأعتبار فإذا تبين إنه لا يـَصلُح أُعتبرذلك عيبًا خفيًا موجبًا للضمان، وإذا كان المبيع أرض زراعية خُصصت لزراعة الفاكهة فهنا يجب الإعتداد بالغرض المُـعد لذلك لا بطبيعة المَبيع فَحسب؛ إذاً فطبيعة المبيع والغرض الذي اُعد لهذا الشئ هو الذي يُملي المنافع المقصودة منه.
البائع لا يضمن عيبًا جري العرف على التسامح فيه، وبناءً على ذلك يكون ذلك العيب غير موجب للضمان ومثال ذلك:
إن تواجدت كمية أتربة مألوفة مع القمح، فيُعتبر ذلك عيب بسيط جرى العرف على التسامح فيه، أما إذا كان العيب يَتسم بالجسامة بحيث يُقلل من المنفعة والقيمة فيُعتبر ذلك من العيوب المُوجبة للضمان وتقدير الجسامة يستقل بها قاضي الموضوع بالفصل فيها، فإذا ادعى المشتري أن المبيع به عيب مؤثروجسيم فيكون عليه عبء الإثبات.
على المشتري أن يقوم بفحص الشيء المبيع حتى يتأكد من أنه يصلح للغرض الذي اشتراه من أجله. إذا كان المشتري يجهل العيب ولم يكن معلومًا له بعد فحصه بعناية من الرجل المعتاد أو عن طريق أهل الخبرة، فإن البائع يلتزم بالضمان. أما العيوب التي علم بها المشتري وكانت ظاهرة وغير خفية، فإن البائع لا يضمن تلك العيوب. قد يكون العيب موجودًا عند إنعقاد العقد ولكن المشتري ليس لديه علم به، ولكنه يعلم به عند التسليم ولم يقم بالاعتراض، فعندئذٍ ليس لديه الحق في التمسك بالضمان ضد البائع. ولكي يتحرر البائع من مسؤوليته، عليه أن يثبت أن المشتري كان على علم بالعيب. إذا لم يستطع البائع إثبات ذلك، فيُفترض في هذه الحالة أن المشتري غير مطلع على العيب ويجب على البائع تحمل المسؤولية.
اقرأ ايضُا: تأسيس الشركات في السعودية
ضمان العيب الخفي قد يسقط إما بنص القانون أو بإرادة الأطراف المتعاقدين، لذا سنقوم بتوضيحها وفقًا للآتي:
من واجب المشتري أن يقوم بفحص الشيء المبيع، وإذا اكتشف عيبًا في المبيع يجب عليه إخطار البائع بهذا العيب. إذا أهمل المشتري في الإخطار ولم يقم بفحصه بعناية كافية، ولم يقم بإخطار البائع فور اكتشافه للعيب، يسقط حقه في الضمان، ما لم يكن البائع قد أخفى العيب بشكل غير شريف أو أكد للمشتري خلو المبيع من العيب، ففي هذه الحالة يلتزم البائع بالضمان.
في حالة قيام المشتري بالتصرف في المبيع بعد أن يطلع على العيب فيه، سواء كان التصرف بالبيع أو الإيجار أو الرهن، يسقط حقه في الرجوع على البائع بالضمان، لأن علمه بالعيب يدل على موافقته على الشيء المبيع رغم وجود العيب.
للمشتري الحق في التنازل عن حقه في ضمان العيوب الخفية، حيث يسمح القانون له بذلك لصالحه. إذا اشترى المشتري عينًا وأقر بالعيب الموجود به، فإنه لا يمكنه المطالبة بالضمان من البائع. ولكن للمشتري الحق في المطالبة بالضمان في حال ظهور عيب آخر غير العيب الذي تنازل عنه.
"يجوز للمتعاقدين بإتفاق خاص أن يزيدا في الضمان أو ينقصا منه أو أن يسقطا هذا الضمان، على أن كل شرط يُسقط الضمان أو ينقصه يقع باطل إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب في المبيع غشا منه "
مما سبق يتضح إنه يجوز للمتعاقدين أن يزيدوا في الضمان أوينقصه منه أو يتفقوا على الإعفاء من الضمان شريطة الا يصدر غشًا من البائع ففي تلك الحالة يقع الإتفاق باطلاً ويُعتبر الشرط كأن لم يكن، لأن العقود يجب ان يراعى فيها مبدأ حُسن النية، وشرط البراءة أو الإتفاق على الإعفاء من الضمان اما أن يكون صريحًا أو أن يكون ضمنيًا.
عَمد المشرع إلى تحديد مدة لترفع خلالها الدعوى وعند إنتهاء المدة يسقط الحق في الضمان، لأن عدم تحديد مدة لدعوى الضمان يترتب عليه عدم إستقرار المعاملات
تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشترى العيب الابعد ذلك مالم يقبل البائع ان يلتزم بالضمان لمدة أطول.
لايجوز للبائع ان يتمسك بالسنة لتمام التقادم إذا ثُبت به تَعمد إخفاء العيب غشًا منه.
ومفاد ما سبق أن المشرع قام بتحديد مدة معينة وهي سنة ومن وقت تَسلُم المشتري للمبيع لإقامة دعوى الضمان، ولكن ذلك الحق يسقط إذا أخفى البائع بالغش، ففي هذه الحالة لا تسقط الدعوى إلا بمرور خمس عشرة عامًا من وقت البيع طالما أن المشتري قام بإثبات أن البائع أخفي العيب بغش منه، " وهذا ما أستقرعليه في قضاء محكمة النقض ".
"إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لا يد للبائع فيه، ينفسخ البيع ويسترد المشتري الثمن إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري بتسلم المبيع."
ومن مفاد ما سبق يتضح أن:
المشرع قد قام بربط تبعات الهلاك والتسليم. فإذا هلك المبيع قبل أن يتسلمه المشتري، كانت تبعة الهلاك على البائع، وللمشتري أن يفسخ العقد ويسترد الثمن، أما إذا عذر البائع المشتري لتسلم المبيع، كانت تبعة الهلاك على المشتري، ويتبين من ذلك أن الهلاك ينتقل بانتقال الحيازة لا بانتقال الملكية، فلو افترضنا أن المبيع عقارًا وتم نقل حيازته للمشتري دون تسجيل العقد، فتبعة الهلاك حينئذٍ تقع على المشتري وليس البائع بالرغم من أن البائع ما زال يملك العقار لأن العقد لم يتم تسجيله بعد، وبناءً على ذلك يتحمل المشتري تبعة الهلاك لأنه حائز للعقار المبيع.
"تبقى دعوى الضمان ولو هلك المبيع بأي سبب كان". ولم تبين تلك المادة إذا كان الهلاك بسبب قوة قاهرة أو يرجع إلى المشتري لذا سوف نقوم بالتفرقة بين حالتين:
إذا هلك المبيع المعيب بعد التسليم وقبل إثبات العيب ورفع الدعوى، فيسقط الضمان لهلاك المبيع لانعدام محل الضمان.
إذا هلك المبيع بعد التسليم وإثبات العيب ورفع الدعوى، ففي هذه الحالة يتم فسخ العقد لاستحالة رد المبيع، ويكون الضمان للمشتري في صورة تعويض، فضلاً عن أنه لكي يرجع بالضمان على البائع يُشترط أن يقوم بإخطاره بوجود العيب في الوقت الملائم والوقت الملائم هو الذي يكون قبل هلاك المبيع وليس بعده.
ووفقاً لما سبق ذُكر، نستنتج أنه إذا تحقق العيب بشروطه وقام المشتري بإخطار البائع بالعيب في الوقت المناسب، كان له أن يرجع عليه بالضمان. ويتمثل ذلك في رد المشتري للبائع الشيء المبيع وإعادة الثمن، مما يُعرف بفسخ العقد. أو أن المشتري يقوم بإبقاء الشيء المبيع إذا كان العيب غير جسيم، وبالتالي لا يكون أمامه سوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه. وسوف نقوم بتوضيح ذلك فيما يلي:
عندما يظهر العيب الخفي في الشيء المبيع ويتسم بالتأثير والجدية، يجوز للمشتري أن يرد المبيع للبائع ويسترد الثمن. إذا وافق البائع على استرجاع الشيء المبيع، ففي هذه الحالة يتم إرجاع الثمن ويترتب على ذلك فسخ العقد. أما في حالة رفض البائع، فللمشتري أن يلجأ إلى القضاء. وتمتلك المحكمة السلطة التقديرية في قبول أو رفض طلب المشتري، حيث إذا ثبت لدى المشتري العيب واقتنعت المحكمة بمدى صحته، تقضي برد الشيء المبيع واسترداد المشتري للثمن. وهذا ما ورد في "المادة 144/1 من القانون المدني".
"إذا وُجِد في المبيع عجزٌ أو زيادةٌ فإنَّ حقَّ المشتري في طلب إنقاص الثمن أو في طلب فسخ العقد، وحقَّ البائع في طلب تكملة الثمن يسقط كلُّ منهما بالتقادم إذا أنقضت سنةٌ من وقت تسليم المبيع تسليمًا فعليًا."
من السابق يتضح لنا أنَّ:
المبيع إذا اشتمل على الشيء المقدر لا زيادة فيه ولا نقصان، فالعقد سارٍ ولا يرجع أحد على الآخر. ولكن إذا وُجِد نقص في الشيء المبيع وتوجد اتفاقية بين الأطراف لتلك الحالة، يسري الاتفاق. أمَّا إذا لم يوجد اتفاق، فيُطبَّق العرف الجاري.
قد يكون النقص مقبولًا فيه وفقًا للعرف، وبالتالي لا يُطالب المشتري البائع بأي شيء. أمَّا إذا كان النقص غير مقبول فيه، فللمشتري أن يطلب تعويضًا من البائع، ويتمثل التعويض في إنقاص الثمن بقدر ما نقص من مقدار المبيع. وقد يكون النقص في الشيء المبيع جسيمًا لدرجة أنه لو علم به المشتري لم يقدم على التعاقد، وفي تلك الحالة يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد.
نرى أن ضمان العيوب الخفية يعتبر عاملًا أساسيًا للثقة بين الأفراد واستقرار المعاملات؛ لأنه يساهم بشكل ملحوظ في تجنب النزاعات التي قد تطرأ بين الأطراف. لذا، يجب على الأفراد الالتزام بتلك المبادئ عند القيام بإجراءات البيع والشراء.
يُقدم لكم مؤسسة السعدني وخليفة خبرة واسعة في مراجعة العقود التجارية وتدقيقها، وضمان صياغتها بشكل قانوني سليم يحفظ حقوقكم.
نقوم بدراسة العقد بدقة وتفصيل.
نُحدد أي بنود غامضة أو غير واضحة.
نُقدم لك تفسيرًا دقيقًا لشروط العقد.
نُشير إلى أي مخاطر أو التزامات مالية قد تواجهها.
نُقترح عليك تعديلات على العقد لحماية حقوقك.
نُساعدك في التفاوض مع الطرف الآخر لتحقيق أفضل شروط لك.
لا تتردد في التواصل معنا الآن!
هاتف: + (20) 1069460940
البريد الإلكتروني: info@sadanykhalifa.com