إن خطاب الضمان له أهمية كبيرة في عقود المقاولات فهو من خلال دلالة إسمه يمثل تأمينا هاما للمستفيد أي "رب العمل"، بحيث يضمن تنفيذ المقاول للمشروع على وجه سليم ودون تباطؤ أو إهمال، ونستعرض خلال السطور التالية أهميته و إستخداماته وأنواعه، وحالات وضوابط "تسييله" كجزاء إخلال المقاول بتنفيذ إلتزاماته.
أولا: أهمية خطاب الضمان في عقود المقاولات:
الثابت قانونا وعملا أنه يترتب على العقود الملزمة للجانبين إلتزامات متقابلة، وتعتبر عقود المقاولات عامة في مقدمة العقود الملزمة للجانبين، فهناك إلتزامات تترتب على رب العمل يقابلها إلتزامات على المقاول، لضمان جدية الأخير بخصوص تنفيذ ما عهد إليه، وخاصة في عقود المرافق العامة الحكومية التي يترتب على عدم تنفيذها أو التلكؤ في التنفيذ أضرارا عامة تصيب المجتمع، فإن أول الإلتزامات التي يفرضها رب العمل على المقاول هي تقديم الضمانات لحين تنفيذه عمله، وقد إحتل خطاب الضمان الأهمية الكبرى في هذا المجال.
ثانيا: أهم أنواع خطابات الضمان في عقود المقاولات:
أ- خطاب الضمان الإبتدائي:
ويقدم عند الإشتراك في المناقصة لضمان جدية المناقص في الإشتراك كتأمينات أولية، وسميت "تأمينات أولية" أو خطابات ضمان إبتدائية لأن الغرض منها ينتهي بعد إحالة المناقصة، وتكون جزء من التأمينات النهائية أي "خطاب الضمان النهائي".
ب- خطاب الضمان النهائي:
تقدم التأمينات النهائية لضمان حسن تنفيذ العقد وسلامة الأداء وفق شروط المقاولة أو المشروع وتكون قيمته بحسب الإتفاق بين المالك والمقاول، وهو معين بمدة عام كامل كمثال وقابل للزيادة، وهذا التعهد المصرفي يقدمه العميل للمستفيد ليحق للمستفيد الإستيفاء منه عند تخلف العميل عن الوفاء بما التزم به، فهو بمثابة تأمين نهائي عند الحاجة إليه، ولا يكون إلغائه إلا بخطاب رسمي من الطرف المستفيد.
ج- خطاب ضمان الدفعات المقدمة:
القاعدة في عقود التشييد والبناء هي أن الصرف يتم بعد تنفيذ المقاولة أو المشروع ولكن في بعض الأحيان تكون الإمكانيات اللازمة لتنفيذ المشروع كبيرة بالنسبة الى موارد المقاول، لذلك قد يشترط أو يضع ذلك في العقد، بأن تقدم له الجهة المنفذة سلفة او دفعة مقدمة.
د- خطاب ضمان تجهيز وتصنيع مواد ومعدات:
ويقدم هذا الخطاب لأغراض ضمان تجهيز وتصنيع مواد ومعدات وخاصة في عقود المقاولات الهندسية الميكانيكية والكهربائية والكيماوية.
ه- خطاب الضمان الفني:
ويقدم خطاب الضمان الفني لضمان صلاحية المعدات الفنية لفترة معينة بعد التجهيز والتشغيل ولمدة تحددها طبيعة العقد.
و- خطاب ضمان المكن والمعدات:
يطلب أحيانا رب العمل من المقاول تقديم خطاب ضمان عن قيمة سلف المكن والمعدات التي تدخل في المقاولة وتطلق بعد إستردادها.
ط - خطاب الضمان مقابل غطاء كامل لنفقات المشروع أو المناقصة:
أي مقابل سلفة يقدمها العميل للمصرف على حساب المشروع لصالح الطرف المستفيد، والهدف منه هو الضمان النهائي.
ظ - خطاب ضمان الصيانة وإصلاح العيوب:
يطلب بعض أرباب العمل "خطاب ضمان للصيانة" في حين أن آخرون يبقون على جزء من خطاب ضمان حسن التنفيذ لحين انتهاء مدة الصيانة، وذلك يكون في حالة النص في العقد على مدة معينة للصيانة بحيث أن رب العمل عند إصدار شهادة الإستلام الأولى للمقاولة ذاتها، يضع في الحسبان وجود عيوب قد تظهر لاحقا.
وجدير بالذكر أن خطاب الضمان المصرفي، لا يعد كفالة من البنك للعميل الآمر، وإنما هو التزام مستقل، حيث يلتزم به البنك شخصيا في مواجهة المستفيد، ومن ثم، ففي حال تسييل خطاب الضمان، فإن البنك إنما يؤدي دينه هو تجاه المستفيد وليس دين عميله.
ثالثا: تسييل خطابات الضمان لإخلال المقاول فى تنفيذ إلتزاماته التعاقدية:
بإعتبار أن خطاب الضمان هو بمثابة تأمين للمستفيد (رب العمل) يضمن تنفيذ المقاول لإلتزاماته التعاقدية على النحو المتفق عليه، فإذا وقع إخلال من المقاول يكون للمستفيد طلب تسييل خطاب الضمان ليستوفي أي تعويضات أو نفقات منه ويكون ذلك بشكل مباشر كالتالي:
يعتبر خطاب الضمان كسائر الأوراق التجارية، ويكون له إستقلاليته وكفايته الذاتية، بمعنى أن الوفاء به لا يتوقف على واقعة خارجة عنه، ولا على تحقق شرط واقف ولا حلول أجل، كما إنه لا يجوز الإشتراط في خطاب الضمان أو وقف تفعيله على قيام العميل الآمر بتغطية قيمة خطاب الضمان أو أي جزء منه للبنك مصدر الخطاب، حيث أن سداد قيمة تلك التغطية هو أمر يخص العميل الآمر والبنك مصدر الخطاب ولا علاقة للمستفيد به.
وفي حال قيام البنك بتسييل خطاب الضمان للمستفيد بناء على طلبه خلال الفترة الزمنية المحددة في الخطاب، وكان عميل البنك لم يقم بتغطية قيمة ذلك الخطاب، فيمكن للبنك حينئذ الرجوع على عميله بما وفاه للمستفيد، طبقاً لنص المادة (360) من قانون التجارة المصري التي تنص على الآتي:
"إذا وفى البنك للمستفيد المبلغ المتفق عليه في خطاب الضمان، حل محله في الرجوع على الآمر بمقدار المبلغ المدفوع وعائده من تاريخ دفعه."
كما قضت محكمة النقض بالآتي:
"خطاب الضمان كباقي الأوراق التجارية، له استقلاليته وكفايته الذاتية، بمعنى أن الوفاء به لا يتوقف على واقعة خارجة عنه ولا على تحقق شرط ولا حلول أجل، ولا يغير من ذلك أن يرتبط تنفيذه بواقعة ترجع إلى المستفيد منه..."
(نقض مدني في الطعن رقم 1342 لسنة 49 قضائية – جلسة 12/12/1980)
وبناء على ما تقدم ذكره يلاحظ ما يلي بخصوص تسييل خطاب الضمان:
1-إن خطاب الضمان المصرفي، ليس ضمانة من البنك تجاه المقاول لتنفيذ صاحب العمل لالتزاماته، ولا كفالة من البنك للعميل الآمر، وإنما هو إلتزام مستقل، حيث يلتزم به البنك شخصياً، في مواجهة المستفيد، ومن ثم ففي حال تسييل خطاب الضمان، فإن البنك إنما يؤدي دينه هو تجاه المستفيد وليس دين عميله.
2- إن خطاب الضمان، كسائر الأوراق التجارية، له إستقلاليته وكفايته الذاتية، بمعنى أن الوفاء به لا يتوقف على واقعة خارجة عنه ولا على تحقق شرط واقف ولا حلول أجل.
3- إنه لا يجوز الإشتراط في خطاب الضمان أو وقف تفعيله، على قيام العميل الآمر بتغطية قيمتة أو أي جزء منه للبنك مصدر الخطاب، حيث أن سداد قيمة تلك التغطية هو أمر يخص العميل الآمر والبنك مصدر الخطاب ولا علاقة للمستفيد به.
4-في حالة عدم قيام العميل بسداد قيمة تغطية خطاب الضمان للبنك، فإنه على الرغم من ذلك لا يجوز للبنك الامتناع عن تسييل قيمة خطاب الضمان للمستفيد عند طلبه ذلك خلال الفترة الزمنية المحددة في الخطاب، وذلك طبقاً لنص المادة (358) من قانون التجارة المصري التي تنص على أنه:
"لا يجوز للبنك أن يرفض الوفاء للمستفيد لسبب يرجع إلى علاقة البنك بالآمر، أو علاقة الآمر بالمستفيد."
5- في حالة قيام البنك بتسييل خطاب الضمان للمستفيد بناء على طلبه خلال الفترة الزمنية المحددة في الخطاب، وكان عميل البنك لم يقم بتغطية قيمة ذلك الخطاب، يمكن للبنك حينئذ الرجوع على عميله بما وفاه للمستفيد، طبقا لقانون التجارة كما سلف البيان، وتنفيذاً لهذا الإلتزام يتولى المقاول إصدار الأمر إلى بنكه ليصدر البنك تعهداً أمام رب العمل، الذي يسمى هنا "بالمستفيد" بأن يدفع البنك له بمجرد الطلب مبلغ نقدي معين، ويؤذن للبنك بأن يقيد في حساب العميل الآمرذلك المبلغ عندما ينفذ الضمان بإذن نهائي منه لا رجعة فيه، بالإضافة إلى عمولة يتقاضاها البنك من العميل الآمر نظير إصداره خطاب الضمان، وهذه العلاقة التي تربط العميل الآمر بالبنك تُسمى بـ "فتح الاعتماد بالضمان."
ويتضح أن هذه الروابط التعاقدية الثلاثة: (عقد الأساس، وفتح الاعتماد، وخطاب الضمان) قد تكون مرتبطة اقتصاديا ولكنها مستقلة ومنفصلة تماما قانونيا.
وأخيرا تجدر الإشارة إلى أنه يقصد "بإستقلال إلتزام البنك قبل المستفيد عن علاقة هذا الأخير بالعميل"، أنه لا أثر لدفوع العميل ضد المستفيد على إلتزام البنك المباشر قبل الأخير، فالعميل هو الذي يبدأ بالشكوى إلى القضاء إذا قدر أنه غير مدين أو أن مديونيته لا تبرر ما حصل عليه المستفيد من البنك، وحينئذ يطالب بإٍسترداد القيمة المصروفة لخطاب الضمان، إذا أثبت عدم توافر موجبات تسييله.