نظام التحكيم السعودي: حلول فعّالة وسريعة للنزاعات التجارية
التحكيم هو الطريق الأمثل لتجنب حل النزاعات القضائية والتجارية عن طريق القضاء وإطالة أمد التقاضي التي تتسم بالبطء والتعقيد، فهو الوسيلة المختارة لأطراف النزاع لحل النزاعات المتعلقة بإستثماراتهم بالإرادة المنفردة، وأهم ما يُميز نظام التحكيم هو أن يتم الإتفاق علي إجراءاته قبل البدء فيه وإختيار هيئة التحكيم ونطاقه ومكان إجراء التحكيم ومدته، وهو ما سوف نقوم بتوضيحه في هذا المقال.
ما هو نظام التحكيم السعودي؟
نظام التحكيم السعودي هو إتفاق بين طرفين أو أكثر علي أن يتم إحالة جميع أو بعض النزاعات التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في علاقة نظامية سواء كانت تعاقدية أو غير تعاقدية للتحكيم، وسواء كان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في العقد أو مشارطة تحكيم مستقلة. وإليك الإجراءات التي يتم إتباعها في نظام التحكيم السعودي.
إجراءات التحكيم في نظام التحكيم السعودي؟
نظام التحكيم السعودي يتضمن مجموعة من الخطوات المنظمة لعملية التحكيم في المملكة العربية السعودية. يحق لأطراف التحكيم التوافق على الإجراءات التي يتبعها هيئة التحكيم، بما في ذلك إمكانية إخضاع هذه الإجراءات للقوانين السارية في أي جهة تحكيم سواء داخل المملكة أو خارجها، بشرط أن تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. في حال عدم وجود اتفاق، تحق لهيئة التحكيم اتخاذ الإجراءات الملائمة بناءً على أحكام الشريعة ونظام التحكيم، شريطة إبلاغ أطراف التحكيم بهذه الإجراءات قبل موعد بدء تنفيذها بمدة لا تقل عن عشرة أيام. وفيما يلي تعرف على أهم خطوات التحكيم التجاري السعودي.
أولًا: هيئة التحكيم
هي الجهة المختصة بفصل النزاعات في نظام التحكيم السعودي ويتم الفصل في التحكيم من خلال المحكم الفرد أو هيئة من المحكمين، وتكون الجهة المختصة بالفصل في النزاع هي المحكمة صاحبة الإختصاص نظاميًا.
- يتم تشكيل هيئة التحكيم من مُحكم واحد أو أكثر، ويكون العدد فردي وإلا كان التحكيم باطلاً .
- يجب أن يكون المُحكم كامل الأهلية، حسن السيرة والسلوك.
- يجب أن يكون المُحكم حاصلاً علي شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية.
- إذا تشكلت هيئة التحكيم من أكثر من مُحكم فيكتفي توافر حصول هذه الشهادة الجامعية على رئيس الهيئة.
ثانيًا: إختصاص هيئة التحكيم
- تختص هيئة التحكيم بالفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، بما في ذلك الدفوع المبنية علي عدم وجود إتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع .
- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم إختصاصها قبل الفصل في الموضوع، ولها أن تضمها للموضوع لتفصل فيهما معاً، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز الطعن به إلا بطريق رفع دعوي بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها.
- لا يترتب علي قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين مُحكم أو الإشتراك في تعيينه سقوط حقه في إبداء الدفوع بعدم إختصاص هيئة التحكيم، أما الدفع بعدم شمول إتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع فيجب إبداؤه فورًا وإلا سقط الحق فيه.
- في جميع الأحوال يجوز لهيئة التحكيم قبول الدفع المتأخر إذا رأت أن للتأخير سبب مقبول.
ثالثًا: ضوابط إختيار هيئة التحكيم
اولًا:
لطرفي التحكيم حق الإتفاق علي المحكمين، وفي حال عدم الإتفاق:
- إذا كان تشكيل هيئة التحكيم من محكم واحد، فتتولي المحكمة المختصة إختياره.
- إذا كان تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين، فكل طرف يختار مُحكماً عنه، ويتفق المحكمين المختارين علي إختيار المُحكم الثالث.
- إذا لم يُعين أحد الطرفين مُحكمه خلال 15 يومًا من تاريخ تسلمه طلب بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان علي إختيار المُحكم الثالث خلال 15 يومًا من تاريخ تعيين آخرهما، فتتولي المحكمة المختصة إختياره بناءً علي طلب من يهمه ذلك من الطرفين، ويكون للمُحكم الذي يختاره المُحكمان المُعينان أو الذي تختاره المحكمة المختصة رئاسة هيئة التحكيم.
- في حالة إذا تم تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة مُحكمين، ويسري نفس الأمر كما في حالة مُحكمان أو ثلاثة.
ثانيًا:
في حال عدم إتفاق طرفي التحكيم علي إجراءات إختيار المحكمين أو خالفها أحد الطرفين، أو لم يتفق المُحكمان المُعينان علي أمور يستلزم الإتفاق عليها، أو إذا تخلف الغير عما عهد به إليه:
- تتولي المحكمة المختصة القيام بذلك بناءً علي طلب من يهمه التعجيل بالإتفاق علي إجراءات التحكيم، ما لم ينص في إتفاق التحكيم علي طريقة أخري للقيام بذلك
- علي الطرف الذي يطلب من المحكمة المختصة تعيين مُحكم أن يُرفق بطلبة صوره من حكم التحكيم وإتفاق التحكيم .
ثالثًا:
علي المحكمة المختصة مراعاة الشروط التي نص عليها إتفاق التحكيم والنظام السعودي عند إختيار المُحكم، وتصدر المحكمة قرارها بإختيار المُحكم خلال 30 يومًا من تاريخ تقديم الطلب،
رابعًا:
يكون قرار المحكمة المختصة بتعيين المُحكم غير قابل للطعن فيه.
إجراءات رد المُحكم وفقًا لنظام التحكيم السعودي:
لقد نصت المادة 17 من نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 39 بتاريخ 24-5-1433 هجريًا، علي أن:
- إذا لم يتفق طرفي التحكيم علي إجراءات رد المُحكم، فيتم تقديم طلب الرد كتابًة من أحد طرفي التحكيم لهيئة التحكيم موضحًا أسباب الرد خلال 5 أيام من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل الهيئة أو ظروف الرد، فإذا لم يتنحي المُحكم المطلوب رده أو لم يوافق الطرف الآخر علي طلب الرد خلال 5 أيام من تاريخ تقديمه، فعلي هيئة التحكيم البت فيه خلال 15 يومًا من تاريخ تسلمه، ولطالب الرد حال رفض الطلب التقدم للمحكمة المختصة خلال 30 يومًا، ويكون قرار المحكمة غير قابل للطعن فيه بأي من طرق الطعن.
- لا يُقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المُحكم نفسه في التحكيم نفسه، للأسباب ذاتها.
- يترتب علي تقديم طلب الرد أمام هيئة التحكيم وقف إجراءات التحكيم، ولا يترتب علي الطعن في حكم هيئة التحكيم الصادر برفض طلب الرد وقف إجراءات التحكيم.
- إذا تم الحكم برد المُحكم، سواء كان الحكم صادر من هيئة التحكيم أو المحكمة المختصة بنظر الطعن، يترتب علي ذلك إعتبار ما تم من إجراءات التحكيم وحكم التحكيم كأن لم يكن.
ميزات نظام التحكيم السعودي:
- يتميز نظام التحكيم بسرعته في فض المنازعات والنزاعات بين الأطراف، حيث لا يتطلب تحديد مواعيد محددة أو الالتزام بساعات العمل الرسمية. بالإضافة إلى ذلك، يهتم التحكيم بمرونة الجلسات بحيث يتم تحديد الجلسات بما يتناسب مع مواعيد واحتياجات الأطراف، سواء كانت ليلاً أو نهاراً، بهدف تسريع عملية فض النزاعات.
- يتيح نظام التحكيم حرية للأطراف في اختيار المحكم وهيئة التحكيم. فالمحكم يتم اختياره بموافقة الأطراف وقبولهم له، سواء كان فردًا أو هيئة تحكيم، مما يزيد من فرص التوصل إلى تسوية ودية بين الأطراف.
- يتيح نظام التحكيم السرية للأطراف حسب رغبتهم، وهذا يتنافى مع الجلسات القضائية التي تكون عادةً علنية. ونتيجة لذلك، فإن التحكيم يكون أقل توترًا وضغينةً بين الأطراف.
- نظام التحكيم يعمل على تعزيز قبول الأطراف للحكم ورضاهم عنه، حيث إنهم يكونون هم الذين يختارون المحكم أو يوافقون عليه.
- يتميز التحكيم بمرونة أكبر في اختيار القوانين والنظم التي يستند إليها الأطراف، مع الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية والتشريعات المحلية. كما ينص المادة الخامسة من نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية على الالتزام بأحكام أي وثيقة تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف، طالما أنها لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
الأسئلة الشائعة:
متي يكون للمُحكم مصلحة في النزاع ؟
- يجب ألا يكون للمُحكم مصلحة في النزاع حتي إتمام إجراءات التحكيم.
- ويلتزم المُحكم بالتصريح كتابًة لطرفي التحكيم بكل الظروف التي من شأنها أن تثير شكوكًا حول حيادة وإستقلاله، إلا إذا كان سبق وأحاطهما علمًا بذلك.
- يُمنع المُحكم من نظر الدعوي وسماعها في نفس الحالات التي يُمنع فيها القاضي، حتي ولو لم يطلب ذلك طرفي التحكيم.
متي يتم رد المُحكم ؟
- يتم رد المُحكم عند قيام شكوكًا حوله من شأنها التأثير علي حياده وإستقلالها.
- إذا كان غير حائزًا علي شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية.
- إذا كان غير كامل الأهلية أو سيء السيرة والسلوك.
- لا يجوز لأي من طرفي التحكيم طلب رد المُحكم الذي عينه أو إشترك في تعيينه إلا لأسباب إتضحت بعد تعيين هذا المُحكم.
- يجوز للمُحكم التنحي عن نظر النزاع إذا طُلب رده دون إبداء أسباب تنحيه، ولا يُعد هذا إقرارًا منه بصحه الأسباب التي أستند إليها طالب الرد، ولا يُقبل طلب رد المُحكم بعد قفل باب المرافعة.
- إذا إنتهت مهمة المُحكم، فيما عدا إنتهائها برده، فتتوقف إجراءات التحكيم لحين تعيين مُحكم بديل.
في الختام:
يُعد نظام التحكيم وسيلة فعّالة لحل النزاعات، حيث يقوم الخصمان بتعيين محكم يصدر قرارًا نهائيًا في النزاع بينهما. تتميز هذه العملية بالسرعة والفاعلية في فض المنازعات، مع الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية والقوانين المحلية. ونحن في مكتب المحاماة نفخر بالقدرة على تقديم الاستشارات القانونية والإجابة عن جميع الاستفسارات المتعلقة بنظام التحكيم السعودي.
نحن ملتزمون بتقديم الدعم والمساعدة لعملائنا في فهم وتطبيق هذا النظام بطريقة فعالة ومبتكرة. يمكننا توفير المشورة القانونية المخصصة والمتخصصة لتلبية احتياجاتكم وضمان حماية حقوقكم ومصالحكم في إجراءات التحكيم. لا تترددوا في التواصل معنا للحصول على المساعدة والتوجيه فيما يتعلق بنظام التحكيم السعودي وأي مسائل قانونية أخرى تتعلق بنشاطكم التجاري.